نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً بعنوان «حرب غزّة: نتائج أوليّة حول الأثر الإجتماعي والإقتصادي والبيئي على لبنان». حاولَ من خلاله تقييم أثر حرب غزّة وامتدادها إلى حدود لبنان الجنوبيّة على لبنان بشكل عام وعلى الجنوب بشكل خاص.
وصف التقرير الحال المترديّة أصلاً للإقتصاد اللبناني، بحيث تقلّص الناتج المحلّي الإجمالي بنسبة 40% خلال الفترة الممتدة بين العامين 2018 و2022، وتدهورت قيمة العملة المحلية بأكثر من 98% وارتفعت نسب التضخّم إلى ما فوق الـ 100% على مدى السنوات الثلاث الماضية.
كذلك تقلّصت الإيرادات الحكوميّة من 13.1% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2020 إلى 6% في العام 2022 (أحد أدنى المستويات حول العالم)، مع انخفاض متزامن في النفقات العامّة من 16.4% إلى 5.7% من الناتج المحلّي الإجمالي، مما يسلّط الضوء على تضاؤل قدرة الحكومة على تأمين الخدمات الأساسيّة، ووصول معدّلات الفقر المتعدد الأبعاد (82%) والبطالة (29.6%) إلى مستويات قياسية.
أمّا فيما يتعلق بتقييم الخسائر، وفي ظلّ ندرة المعلومات المتاحة من قبل الحكومة، فقد استندت النتائج إلى مقابلات مع المتضرّرين الرئيسيين وإلى تقييم أولي أجراه فريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وأضاف التقرير بأنّ قطاع السياحة، والذي أظهَر مرونة استثنائية وأداء قويّاً خلال الفترة السابقة على الرغم من الوضع المتردي في لبنان، قد تأثّر بشدّة بالأحداث الدائرة على حدود لبنان الجنوبية.
بالأرقام، فقد تقلّص عدد المسافرين القادمين من 245,997 خلال شهر تشرين الأوّل 2022 إلى 208,706 خلال شهر تشرين الأوّل 2023 (مع العلم بأنّ حرب غزّة قد بدأت مطلع الشهر المعني)، وبنسبة 41.75% سنوياً خلال الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني إلى 34,163 مسافراً، في حين ارتفع عدد المسافرين المغادرين من 266,680 في شهر تشرين الأوّل 2022 إلى 307,879 في شهر تشرين الأوّل 2023.
ودائماً في الإطار عينه، فقد أوقفت العديد من شركات الطيران التجاريّة رحلاتها إلى لبنان في أعقاب حرب غزّة، في حين خفّضت شركة طيران الشرق الأوسط رحلاتها بمقدار 50%. نتيجةً لذلك انخفض معدّل إشغال الفنادق إلى ما دون الـ 10% خلال شهر تشرين الأول مدفوعًا بالمغادرات المبكرة وإلغاء الرحلات (بسبب تحذيرات السفر)، خاصةً لدى السيّاح الأوروبيين الذين يميلون إلى زيارة لبنان في فصل الخريف كما وتلقّت حركة المطاعم ضربة شديدة، متراجعةً بنسبة 70-80% في أيام الأسبوع وبنسبة 30-50% خلال عطلات نهاية الأسبوع.
نشاط سياحي ضعيف
أخيراً، بالنسبة الى ما يتعلق بقطاع السياحة، فقد علّق التقرير بأنّ النشاط السياحي الضعيف سيكون له على الأرجح آثار غير مباشرة على أنشطة أخرى، وبالتحديد الأنشطة الزراعيّة والصناعيّة نظراً لترابط هذه القطاعات ببعضها. كما توقّع التقرير بأن تؤدي الحرب السائدة أيضاً إلى إضعاف نشاط التجارة الدولية، حيث من المتوقع بأن تتعثّر الصادرات والواردات (بعد الارتفاع الأولي في استيراد السلع الأساسيّة) بسبب المخاوف الأمنية، مدفوعة بتدهور تصنيفات المخاطر وارتفاع أقساط التأمين.
وتوقّع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأن يؤدّي تباطؤ نشاط التجارة الدوليّة للبنان إلى تدهور في الماليّة العامّة، نتيجة انكماش عائدات الجمارك والضريبة على القيمة المضافة، وهما تشكلان حوالى 63% من إجمالي الإيرادات الضريبيّة. ويتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضاً بأن يكون لحرب غزة تداعيات سلبيّة على تدفقات التحويلات الماليّة إلى لبنان، نظراً لأنّ معظمها تتم عبر قنوات غير رسمية مثل الأشخاص الذين يسافرون إلى لبنان. وبشكل عام، وبينما كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد اللبناني بنسبة 0.2% في عام 2023 (بعد 4 سنوات من الانكماش)، فإنّ احتمال الانكماش مرتفع حاليّاً، نظراً للمساهمة الكبيرة للقطاعات المذكورة أعلاه في الاقتصاد.
وفيما يتعلق بمنطقة الجنوب، أشار التقرير إلى أنّ الصراع له آثار ثلاثية الأبعاد، وهي الخسائر البشرية والنزوح (64.053 نازحاً داخلياً، 52% منهم إناث و37% أطفال)، والأضرار الماديّة على المباني والمصانع والبنيّة التحتيّة والمرافق، والتأثير الضارّ على الزراعة والثروة الحيوانية والزراعة المائيّة والغابات بسبب القصف.
(المصدر: التقرير الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبنانيّ)